سورة الأحزاب - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


أخذَ ميثاق النبيين وقتَ استخراج الذرية من صُلب آدم- فهو الميثاق الأول، وكذلك ميثاق الكلِّ. ثم عند بَعْثِ كلِّ رسول ونُبُوَّةِ كلِّ نبيِّ أخذ ميثاقة، وذلك على لسانِ جبريل عليه السلام، وقد استخلص الله سبحانه نبيَّنا عليه السلام، فأسمعه كلامَه- بلا واسطة- ليلةَ المعراج. وكذلك موسى عليه السلام- أخذ الميثاق منه بلا واسطة ولكن كان لنبينا- صلى الله عليه وسلم- زيادة حال؛ فقد كان له مع سماع الخطاب كشفُ الرؤية.
ثم أخذ المواثيق من العُبَّاد بقلوبهم وأسرارهم بما يخصهم من خطابه، فلكلِّ من الأنبياء والأَولياء والأكابر على ما يُؤهلهم له، قال صلى الله عليه وسلم: «لقد كان في الأمم مُحَدَّثون فإن يكن في أمتي فَعُمَر» وغيرُ عمر مشارِكٌ لعمر في خواص كثيرة، وذلك شيء يتمُّ بينهم وبين ربِّهم.


يسألهم سؤال تشريفٍ لا سؤال تعنيف، وسؤال إيجابٍ لا سؤال عتاب. والصدقُ ألا يكون في أحوالِكَ شَوْبٌ ولا في اعتقادك رَيْبٌ، ولا في أعمالك عَيْبٌ. ويقال من أمارات الصدق في المعاملة وجودُ الإخلاص من غير ملاحظة مخلوق. والصدقُ في الأحوال تصفيتُها من غير مداخلة إعجاب.
والصدق في الأقوال سلامتها من المعاريض فيما بينك وبين نفسك، وفيما بينك وبين الناس والتباعدُ عن التلبيس، وفيما بينك وبين الله بإدامة التبرِّي من الحَوْلِ والقوة، ومواصلة الاستعانة، وحفظ العهود معه على الدوام.
والصدق في التوكل عَدَمُ الانزعاج عند الفَقْدِ، وزوال الاستبشار بالوجود.
والصدق في الأمر بالمعروف التحرُّز من قليل المداهنة وكثيرها، وألا تتركَ ذلك لِفَزَعٍ أو لِطَمَعٍ، وأن تَشْرَبَ مما تَسْفِي، وتتصف بما تأمر، وتنهي (نَفْسَك) عما تَزْجُر.
ويقال الصدق أن يهتدي إليكَ كلُّ أحد، ويكون عليك فيما تقول وتظهر اعتماد.
ويقال الصدق ألا تجنحَ إلى التأويلات.


ذكرُ نعمة الله مُقابَلَتُها بالشكر، ولو تذكرتَ ما دَفَعَ عنك فيما سَلَفَ لهانت عليك مقاساةُ البلاءِ في الحال، ولو تذكرتَ ما أولاكَ في الماضي لَقَرُبَتْ من قلبك الثقةُ في إيصال ما تؤمِّلُه في المستقبل.
ومن جملة ما ذكَّرهم به: {إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ} كم بلاءٍ صَرَفَه عن العبدِ وهو لم يشعر! وكم شُغْلٍ كان يقصده فصَدَّه ولم يعلم! وكم أمرٍ عَوَّقَه والعبدُ يَضِجُّ وهو- (سبحانه)- يعلم- أَن في تيسيره له هلاكَ العبد فمَنَعَه منه رحمةً به، والعبدُ يتَّهِمُ ويضيق صَدْرُه بذلك!

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8